أرسلتم به كافرون * فأما عاد فاستكبروا فى الارض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا باياتنا يجحدون * فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فى الحيوة الدنيا ولعذاب الاخرة أخزى وهم لا ينصرون * وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون * ونجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون) * اعلم أن الكلام إنما ابتدئ من قوله * (إنما إلهكم إله واحد) * (فصلت: 6) واحتج عليه بقوله * (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) * (فصلت: 9) وحاصله أن الإله الموصوف بهذه القدرة القاهرة كيف يجوز الكفر به، وكيف يجوز جعل هذه الأجسام الخسيسة شركاء له في الإلهية؟ ولما تمم تلك الحجة قال: * (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) * وبيان ذلك لأن وظيفة الحجة قد تمت على أكمل الوجوه، فإن بقوا مصرين على الجهل لم يبق حينئذ علاج في حقهم إلا إنزال لعذاب عليهم فلهذا السبب قال: * (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم) * بمعنى أن أعرضوا عن قبول هذه الحجة القاهرة التي ذكرناها وأصروا على الجهل والتقليد * (فقل أنذرتكم) * والإنذار هو: التخويف، قال المبرد والصاعقة الثائرة المهلكة لأي شيء كان، وقرئ * (صعقة مثل صعقة عاد وثمود) * قال صاحب " الكشاف " وهي المرة من الصعق.
ثم قال: * (إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم) * وفيه وجهان الأول: المعنى أن الرسل المبعوثين إليهم أتوهم من كل جانب واجتهدوا بهم وأتوا بجميع وجوه الحيل فلم يروا منهم إلا العتو والإعراض، كما حكى الله تعالى عن الشيطان قوله * (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم) * (الأعراف: 17) يعني