طآئعين * فقضاهن سبع سماوات فى يومين وأوحى فى كل سمآء أمرها وزينا السمآء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم) *.
اعلم أنه تعالى لما أمر محمدا صلى الله عليه وسلم في الآية الأولى أن يقول * (إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد) * (الكهف: 110) * (فاستقيموا إليه واستغفروه) * (فصلت: 6) أردفه بما يدل على أنه لا يجوز إثبات الشركة بينه تعالى وبين هذه الأصنام في الإلهية والمعبودية، وذلك بأن بين كمال قدرته وحكته في خلق السماوات والأرض في مدة قليلة، فمن هذا صفته كيف يجوز جعل الأصنام الخسيسة شركاء له في الإلهية والمعبودية؟ فهذا تقرير النظم، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قرأ ابن كثير: أينكم لتكفرون بهمزة وياء بعدها خفيفة ساكنة بلا مد، وأما نافع في رواية قالون وأبو عمرو فعلى هذه الصورة، إلا أنهما يمدان، والباقون همزتين بلا مد.
المسألة الثانية: قوله تعالى: * (أئنكم) * استفهام بمعنى الإنكار، وقد ذكر عنهم شيئين منكرين أحدهما: الكفر بالله. وهو قوله * (لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) * وثانيهما: إثبات الشركاء والأنداد له، ويجب أن يكون الكفر المذكور أولا مغايرا لإثبات الأنداد له، ضرورة أن عطف أحدهما على الآخر يوجب التغاير، والأظهر أن المراد من كفرهم وجوه الأول: قولهم إن الله تعالى لا يقدر على حشر الموتى، فلما نازعوا في ثبوت هذه القدرة فقد كفروا بالله الثاني: أنهم كانوا ينازعون في صحة التكليف، وفي بعثة الأنبياء، وكل ذلك قدح في الصفات المعتبرة في الإلهية، وهو كفر بالله الثالث: أنهم كانوا يضيفون إليه الأولاد، وذلك أيضا قدح في الإلهية وهو يوجب الكفر بالله، فالحاصل أنهم كفروا بالله لأجل قولهم بهذه الأشياء، وأثبتوا الأنداد أيضا لله لأجل قولهم بإلهية تلك الأصنام، واحتج تعالى على فساد قولهم بالتأثير فقال كيف يجوز الكفر بالله، وكيف يجوز جعل هذه الأصنام الخسيسة أندادا لله تعالى، مع أنه تعالى هو الذي خلق الأرض في يومين، وتمم بقية مصالحها في يومين آخرين وخلق السماوات بأسرها في يومين آخرين؟ فمن قدر على خلق هذه الأشياء العظيمة، كيف يعقل الكفر به وإنكار قدرته على الحشر والنشر، وكيف يعقل إنكار قدرته على التكليف وعلى بعثة الأنبياء، وكيف يعقل جعل هذه الأصنام الخسيسة أندادا له في المعبودية والإلهية، فإن قيل من استدل بشيء على إثبات شيء، فذلك الشيء المستدل به يجب أن يكون مسلما عند الخصم حتى يصح الاستدلال به، وكونه تعالى خالقا للأرض في يومين أمر لا يمكن إثباته بالعقل المحض، وإنما يمكن إثباته بالسمع ووحي