* (إن الدين عند الله الإسلام) * (آل عمران: 19) بفتح * (أن) * فعلى هذا يكون المعنى: شهد الله أن الدين عند الله الإسلام ويكون قوله * (أنه لا إله إلا هو) * اعتراضا في الكلام، واعلم أن الجواب لا يعتمد عليه، لأن هذه القراءة غير مقبولة عند العلماء، وبتقدير * (أن) * تكون مقبولة لكن القراءة الأولى متفق عليها، فالإشكال الوارد عليها لا يندفع بسبب القراءة الأخرى.
المسألة الثانية: المراد من * (أولي العلم) * في هذه الآية الذين عرفوا وحدانيته بالدلائل القاطعة لأن الشهادة إنما تكون مقبولة، إذا كان الإخبار مقرونا بالعلم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: " إذا علمت مثل الشمس فاشهد " وهذا يدل على أن هذه الدرجة العالية والمرتبة الشريفة ليست إلا لعلماء الأصول.
أما قوله تعالى: * (قائما بالقسط) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: * (قائما بالقسط) * منتصب، وفيه وجوه:
الوجه الأول: نصب على الحال، ثم فيه وجوه أحدها: التقدير: شهد الله قائما بالقسط وثانيها: يجوز أن يكون حالا من هو تقديره: لا إله إلا هو قائما بالقسط، ويسمى هذا حالا مؤكدة كقولك: أتانا عبد الله شجاعا، وكقولك: لا رجل إلا عبد الله شجاعا.
الوجه الثاني: أن يكون صفة المنفي، كأنه قيل: لا إله قائما بالقسط إلا هو، وهذا غير بعيد لأنهم يفصلون بين الصفة والموصوف.
والوجه الثالث: أن يكون نصبا على المدح.
فإن قيل: أليس من حق المدح أن يكون معرفة، كقولك، الحمد لله الحميد.
قلنا: وقد جاء نكرة أيضا، وأنشد سيبويه:
ويأوي إلى نسوة عطل * وشعثا مراضع مثل السعالي المسألة الثانية: قوله * (قائما بالقسط) * فيه وجهان الأول: أنه حال من المؤمنين والتقدير: وأولوا العلم حال كون كل واحد منهم قائما بالقسط في أداء هذه الشهادة والثاني: وهو قول جمهور المفسرين أنه حال من * (شهد الله) *.
المسألة الثالثة: معنى كونه * (قائما بالقسط) * قائما بالعدل، كما يقال: فلان قائم بالتدبير، أي يجريه على الاستقامة.
واعلم أن هذا العدل منه ما هو متصل بباب الدنيا، ومنه ما هو متصل بباب الدين، أما المتصل بالدين، فانظر أولا في كيفية خلقة أعضاء الإنسان، حتى تعرف عدل الله تعالى فيها، ثم انظر إلى اختلاف أحوال الخلق في الحسن والقبح، والغنى والفقر والصحة والسقم، وطول العمر وقصره