يتضرع إلى موسى؟ وكل صاحب نبي يقول: إن المسيح كان يتضرع إلى نبيه؟!
فلا فرق بين الموضعين في الدعوى. وانفصل المجلس على هذا.
قال الباقلاني: وفى تكلمنا في مجلس ثالث، قلت: لم أتحد اللاهوت بالناسوت؟
فقال: أراد أن ينجي الناس من الهلاك، فقلت: وهل درى بأنه يقتل ويصلب ويفعل به كذا، ولم يأمن من اليهود؟
فإن قلت: إنه لم يدر ما أراد اليهود، بطل أن يكون إلها: وإذا بطل أن يكون إلها: وإذا بطل أن يكون إلها بطل أن يكون ابنا. وإن قلت: قد درى ودخل في الامر على بصيرة، فليس بحكيم، لان الحكمة تمنع التعرض للبلاء.
فبهت، وكان آخر مجلس لي معه.
* * * ومما جرى في تلك المجالس: أن الباقلاني قال لبعض المطارنة: كيف أنت؟
وكيف الاهل والأولاد؟
فقال له الملك وقد عجب من قوله: ذكر من أرسلك في كتاب الرسالة أنك لسان الأمة، ومتقدم على علماء الملة! أما علمت أننا ننزه هؤلاء عن الاهل والولد؟
فقال الباقلاني: أنتم لا تنزهون الله، سبحانه وتعالى. عن الاهل والأولاد، وتنزهونهم؟! فكأن هؤلاء عندكم أقدس وأجل أعلى من الله، سبحانه وتعالى!
فسقط في أيديهم ولم يردوا جوابا.
ثم قال له الملك: أخبرني عن قصة عائشة زوج نبيكم، وما قيل فيها؟
فقال: هما اثنتان، قيل فيهما ما قيل: زوج نبينا ومريم ابنة عمران، فأما زوج نبينا فلم تلد، وأما مريم فجاءت بولد تحمله على كتفها، وكل قد برأها الله مما رميت به. فانقطع الملك ولم يحر جوابا.
ويروى القاضي عياض: أن الملك قال للبطرك: ما ترى في أمر هذا الشيطان؟
فقال: تقضى حاجته، وتلاطف صاحبه، وتبعث بالهدايا إليه، وتخرج هذا عن