(17) أبو الفضل: عبيد الله بن أحمد المقري (370 - 451) وقد تتلمذ له جماعة كثيرة غير هؤلاء، وكان أكثرهم من العراق وخراسان * * * أما " التأليف " فقد أسهم فيه الباقلاني بنصيب موفور. وكان من عادته أنه إذا صلى العشاء. وقضى ورده، وضع دواته بين يديه، وكبت خمسا وثلاثين ورقة، فإذا صلى الفجر دفع إلى بعض أصحابه ما صنفه ليلته، وأمره بقراءته عليه، وأملى عليه من الزيادات ما يلوح له فيه.
وقد تسنى له أن يؤلف نيفا وخمسين كتابا، لم يصل إلينا منها إلا عدد يسير.
ونحن نشير إلى ما عرفناه منها، وما علمناه من حديثها، فيما يلي:
(1) كتاب: " إعجاز القرآن " ويأتي الحديث عنه فيما بعد.
(2) كتاب " التمهيد " وقد ألفه - في أثناء مقامه بشيراز - للأمير أبى كاليجار المرزبان، ابن عضد الدولة، وولى عهده. وهو من أهم الكتب الكلامية، التي تعلق بها أهل السنة تعلقا شديدا، لأنه أجمع كتاب يبصرهم بمسائل الخلاف بينهم وبين مخالفيهم في الرأي والعقيدة، ويرشدهم إلى أقوى الأدلة الجدلية، وأحكم البراهين العقلية، التي تعضد مذهبهم، وتظهر مناعته ورجاحته على المذاهب الأخرى، إسلامية كانت أو غير إسلامية.
وخير ما يعرف بهذا الكتاب ويدل على قيمته، قول مؤلفه في مقدمته:
" أما بعد، فقد عرفت إيثار سيدنا الأمير.. لعمل كتاب جامع مختصر، مشتمل على ما يحتاج إليه في الكشف عن معنى العلم وأقسامه، وطرقه ومراتبه، وضروب المعلومات، وحقائق الموجودات، وذكر الأدلة على حدث العالم، وإثبات محدثه، وأنه مخالف لخلقه، وعلى ما يجب كونه عليه، من وحدانيته، وكونه حيا عالما قادرا في أزله، وما جرى مجرى ذلك من صفات ذاته، وأنه عادل حكيم فيما أنشأه من مخترعاته، من غير حاجة منه إليها، ولا محرك وداع وخاطر وعلل دعته إلى إيجادها، تعالى عن ذلك. وجواز إرساله رسلا إلى خلقه، وسفراء بينه وبين عباده، وأنه قد فعل ذلك، وقطع العذر في إيجاب تصديقهم بما أبانهم