متى تهيأ لبليغ أن يتصرف في قدر (1) آية في أشياء مختلفة، فيجعلها مؤتلفة، من غير أن يبين على كلامه إعياء الخروج والتنقل، أو يظهر على خطابه آثار التكلف (2) والتعمل؟
وأحسب أنه لا يسلم من هذا - ومحال أن يسلم منه - متى (3) يظفر بمثل تلك الكلمات الافراد، والألفاظ الاعلام، حتى يجمع بينها، فيجلو (4) فيها فقرة من كلامه، وقطعة من قوله. ولو اتفق له في أحرف معدودة، وأسطر قليلة، فمتى يتفق له في قدر ما نقول: إنه (5) من القرآن معجر؟
هيهات هيهات! إن الصبح يطمس النجوم وإن كانت زاهرة، والبحر يغمر الانهار وإن كانت زاخرة.
/ متى (6) تهيأ للآدمي أن يقول في وصف كتاب سليمان عليه السلام، بعد ذكر العنوان والتسمية، هذه الكلمة الشريفة العالية: (ألا تعلوا على وأتوني مسلمين) (7). والخلوص من ذلك إلى ما صارت إليه من التدبير، واشتغلت به من المشورة، ومن تعظيمها أمر المستشار، ومن تعظيمهم أمرها وطاعتها (8)، بتلك الألفاظ البديعة، والكلمات العجيبة البليغة.
ثم كلامها بعد ذلك، [ألا] تعلم (9) تمكن قولها: (يا أيها الملا أفتوني في أمري، ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون) (10).
وذكر قولهم: (قالوا: نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد، والامر إليك، فانظري ماذا تأمرين) (11)، لا تجد في صفتهم أنفسهم أبرع (12) مما وصفهم به.
وقوله: (والامر إليك)، تعلم براعته بنفسه، وعجيب معناه، وموضع