واختلف أهل العربية في العلة التي من أجلها لم تخفض هم بيوم وقد أضيف إليه؟
فقال بعض نحويي البصرة: أضاف يوم إلى هم في المعنى، فلذلك لا ينون اليوم، كما قال: يوم هم على النار يفتنون وقال: هذا يوم لا ينطقون ومعناه: هذا يوم فتنتهم، ولكن لما ابتدأ بالاسم، وبنى عليه لم يقدر على جره، وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة، وهذا إنما يكون إذا كان اليوم في معنى إذ، وإلا فهو قبيح إلا ترى أنك تقول:
ليتك زمن زيد أمير: أي إذ زيد أمير، ولو قلت: ألقاك زمن زيد أمير، لم يحسن. وقال غيره: معنى ذلك: أن الأوقات جعلت بمعنى إذ وإذا، فلذلك بقيت عل نصبها في الرفع والخفض والنصب، فقال: ومن خزي يومئذ فنصبوا، والموضع خفض، وذلك دليل على أنه جعل موضع الأداة، ويجوز أن يعرب بوجوه الاعراب، لأنه ظهر ظهور الأسماء ألا ترى أنه لا يعود عليه العائد كما يعود على الأسماء، فإن عاد العائد نون وأعرب ولم يضف، فقيل: أعجبني يوم فيه تقول، لما أن خرج من معنى الأداة، وعاد عليه الذكر صار اسما صحيحا. وقال: وجائز في إذ أن تقول: أتيتك إذ تقوم، كما تقول: أتيتك يوم يجلس القاضي، فيكون زمنا معلوما، فأما أتيتك يوم تقوم فلا مؤنة فيه وهو جائز عند جميعهم، وقال: وهذه التي تسمى إضافة غير محضة.
والصواب من القول عندي في ذلك، أن نصب يوم وسائر الأزمنة في مثل هذا الموضع نظير نصب الأدوات لوقوعها مواقعها، وإذا أعربت بوجوه الاعراب، فلانها ظهرت ظهور الأسماء، فعوملت معاملتها.
وقوله: لا يخفى على الله منهم أي ولا من أعمالهم التي عملوها في الدنيا شئ. وكان قتادة يقول في ذلك ما:
23367 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ ولكنهم برزوا له يوم القيامة، فلا يستترون بجبل ولا مدر.