عن أهلها وتركه عقوبتهم عليها إذا تابوا منها إنه هو الغفور الرحيم بهم، أن يعاقبهم عليها بعد توبتهم منها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون) *.
يقول تعالى ذكره: وأقبلوا أيها الناس إلى ربكم بالتوبة، وارجعوا إليه بالطاعة له، واستجيبوا له إلى ما دعاكم إليه من توحيده، وإفراد الألوهة له، وإخلاص العبادة له، كما:
23259 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وأنيبوا إلى ربكم: أي أقبلوا إلى ربكم.
23260 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي وأنيبوا قال: أجيبوا.
23261 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وأنيبوا إلى ربكم قال: الإنابة: الرجوع إلى الطاعة، والنزوع عما كانوا عليه، ألا تراه يقول: منيبين إليه واتقوه.
وقوله: وأسلموا له يقول: واخضعوا له بالطاعة والاقرار بالدين الحنيفي من قبل أن يأتيكم العذاب من عنده على كفركم به ثم لا تنصرون يقول: ثم لا ينصركم ناصر، فينقذكم من عذابه النازل بكم.
وقوله: واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم يقول تعالى ذكره: واتبعوا أيها الناس ما أمركم به ربكم في تنزيله، واجتنبوا ما نهاكم فيه عنه، وذلك هو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا.
فإن قال قائل: ومن القرآن شئ وهو أحسن من شئ؟ قيل له: القرآن كله حسن، وليس معنى ذلك ما توهمت، وإنما معناه: واتبعوا مما أنزل إليكم ربكم من الأمر والنهي والخبر، والمثل، والقصص، والجدل، والوعد، والوعيد أحسنه وأحسنه أن تأتمروا لامره،