وفي نصب قوله فأكون وجهان أحدهما: أن يكون نصبه على أنه جواب لو والثاني: على الرد على موضع الكرة، وتوجيه الكرة في المعنى إلى: لو أن لي أن أكر، كما قال الشاعر:
فما لك منها غير ذكرى وحسرة * وتسأل عن ركبانها أين يمموا؟
فنصب تسأل عطفا بها على موضع الذكرى، لان معنى الكلام: فمالك (...) بيرسل على موضع الوحي في قوله: إلا وحيا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين) *.
يقول تعالى ذكره مكذبا للقائل: لو أن الله هداني لكنت من المتقين، وللقائل:
لو أن لي كرة فأكون من المحسنين: ما القول كما تقولون بلى قد جاءتك أيها المتمني على الله الرد إلى الدنيا لتكون فيها من المحسنين آياتي يقول: قد جاءتك حججي من بين رسول أرسلته إليك، وكتاب أنزلته يتلى عليك ما فيه من الوعد والوعيد والتذكير فكذبت بآياتي واستكبرت عن قبولها واتباعها وكنت من الكافرين يقول: وكنت ممن يعمل عمل الكافرين، ويستن بسنتهم، ويتبع منهاجهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23270 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: يقول الله ردا لقولهم، وتكذيبا لهم، يعني لقول القائلين: لو أن الله هداني، والصنف الآخر: بلى قد جاءتك آياتي... الآية.
وبفتح الكاف والتاء من قوله قد جاءتك آياتي فكذبت على وجه المخاطبة للذكور، قرأه القراء في جميع أمصار الاسلام. وقد روي عن رسول الله (ص) أنه قرأ ذلك بكسر جميعه على وجه الخطاب للنفس، كأنه قال: أن تقول نفس: يا حسرتا على ما فرطت