وقوله: ما للظالمين من حميم ولا شفيع يقول: جل ثناؤه: ما للكافرين بالله يومئذ من حميم يحم لهم، فيدفع عنهم عظيم ما نزل بهم من عذاب الله، ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم فيطاع فيما شفع، ويجاب فيما سأل. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23374 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي ما للظالمين من حميم ولا شفيع قال: من يعنيه أمرهم، ولا شفيع لهم.
وقوله: يطاع صلة للشفيع. ومعنى الكلام: ما للظالمين من حميم ولا شفيع إذا شفع أطيع فيما شفع، فأجيب وقبلت شفاعته له.
وقوله: يعلم خائنة الأعين يقول جل ذكره مخبرا عن صفة نفسه: يعلم ربكم ما خانت أعين عباده، وما أخفته صدورهم، يعني: وما أضمرته قلوبهم يقول: لا يخفى عليه شئ من أمورهم حتى ما يحدث به نفسه، ويضمره قلبه إذا نظر ماذا يريد بنظره، وما ينوي ذلك بقلبه والله يقضي بالحق يقول: والله تعالى ذكره يقضي في الذي خانته الأعين بنظرها، وأخفته الصدور عند نظر العيون بالحق، فيجزي الذين أغمضوا أبصارهم، وصرفوها عن محارمه حذار الموقف بين يديه، ومسألته عنه بالحسنى، والذين رددوا النظر، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدرت، جزاءها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23375 حدثني عبد الله بن أحمد المروزي، قال: ثنا علي بن حسين بن واقد، قال: ثني أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس يعلم خائنة الأعين إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا وما تخفي الصدور إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ قال: ثم سكت، ثم قال: ألا أخبركم بالتي تليها؟ قلت نعم، قال: والله يقضي بالحق قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسيئة السيئة إن الله هو السميع البصير قال الحسن: فقلت للأعمش: حدثني الكلبي، إلا أنه قال: إن الله قادر على أن يجزي بالسيئة السيئة، وبالحسنة عشرا. وقال الأعمش: إن الذي عند الكلبي عندي، ما خرج مني إلا بحقير.