وإنما عني بقوله: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ولا يستوي الايمان بالله والعمل بطاعته والشرك به والعمل بمعصيته.
وقوله: ادفع بالتي هي أحسن يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ادفع يا محمد بحلمك جهل من جهل عليك، وبعفوك عمن أساء إليك إساءة المسئ، وبصبرك عليهم مكروه ما تجد منهم، ويلقاك من قبلهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في تأويله. ذكر من قال ذلك:
23574 حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ادفع بالتي هي أحسن قال: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم، كأنه ولي حميم.
وقال آخرون: معنى ذلك: ادفع بالسلام على من أساء إليك إساءته. ذكر من قال ذلك:
23575 حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء ادفع بالتي هي أحسن قال: بالسلام.
23576 حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد ادفع بالتي هي أحسن قال: السلام عليك إذا لقيته.
وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عدواة كأنه ولي حميم يقول تعالى ذكره: افعل هذا الذي أمرتك به يا محمد من دفع سيئة المسئ إليك بإحسانك الذي أمرتك به إليه، فيصير المسئ إليك الذي بينك وبينه عداوة، كأنه من ملاطفته إياك، وبره لك، ولي لك من بني أعمامك، قريب النسب بك والحميم: هو القريب، كما:
23577 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد،، عن قتادة كأنه ولي حميم: أي كأنه ولي قريب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) *.