وقوله: لعلكم تغلبون يقول: لعلكم بفعلكم ذلك تصدون من أراد استماعه عن استماعه، فلا يسمعه، وإذا لم يسمعه ولم يفهمه لم يتبعه، فتغلبون بذلك من فعلكم محمدا. قال الله جل ثناؤه: فلنذيقن الذين كفروا بالله من مشركي قريش الذين قالوا هذا القول عذابا شديدا في الآخرة ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون يقول: ولنثيبنهم على فعلهم ذلك وغيره من أفعالهم بأقبح جزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون) *.
يقول تعالى ذكره: هذا الجزاء الذي يجزى به هؤلاء الذين كفروا من مشركي قريش جزاء أعداء الله ثم ابتدأ جل ثناؤه الخبر عن صفة ذلك الجزاء، وما هو؟ فقال: هو النار، فالنار بيان عن الجزاء، وترجمة عنه، وهي مرفوعة بالرد عليه ثم قال: لهم فيها دار الخلد يعني لهؤلاء المشركين بالله في النار دار الخلد يعني دار المكث واللبث، إلى غير نهاية ولا أمد والدار التي أخبر جل ثناؤه أنها لهم في النار هي النار، وحسن ذلك لاختلاف اللفظين، كما يقال: لك من بلدتك دار صالحة، ومن الكوفة دار كريمة، والدار: هي الكوفة والبلدة، فيحسن ذلك لاختلاف الألفاظ، وقد ذكر لنا أنها في قراءة ابن مسعود:
ذلك جزاء أعداء الله النار دار الخلد ففي ذلك تصحيح ما قلنا من التأويل في ذلك، وذلك أنه ترجم بالدار عن النار.
وقوله: جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون يقول: فعلنا هذا الذي فعلنا بهؤلاء من مجازاتنا إياهم النار على فعلهم جزاء منا بجحودهم في الدنيا بآياتنا التي احتججنا بها عليهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) *.
يقول تعالى ذكره: وقال الذين كفروا بالله ورسوله يوم القيامة بعد ما أدخلوا جهنم:
يا ربنا أرنا اللذين أضلانا من خلقك من جنهم وإنسهم. وقيل: إن الذي هو من الجن إبليس، والذي هو من الانس ابن آدم الذي قتل أخاه. ذكر من قال ذلك: