والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: وما كيد فرعون إلا في تباب يقول تعالى ذكره: وما احتيال فرعون الذي يحتال للاطلاع إلى إله موسى، إلا في خسار وذهاب مال وغبن، لأنه ذهبت نفقته التي أنفقها على الصرح باطلا، ولم ينل بما أنفق شيئا مما أراده، فذلك هو الخسار والتباب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23405 حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: وما كيد فرعون إلا في تباب يقول: في خسران.
23406 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: في تباب قال: خسار.
23407 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وما كيد فرعون إلا في تباب: أي في ضلال وخسار.
23408 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وما كيد فرعون إلا في تباب قال: التباب والضلال واحد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقال الذي آمن يقوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد * يقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن المؤمن بالله من آل فرعون وقال الذي آمن من قوم فرعون لقومه: يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يقول: إن اتبعتموني فقبلتم مني ما أقول لكم، بينت لكم طريق الصواب الذي ترشدون إذا أخذتم فيه وسلكتموه وذلك هو دين الله الذي ابتعث به موسى. يقول: إنما هذه الحياة الدنيا متاع يقول لقومه: ما هذه الحياة الدنيا العاجلة التي عجلت لكم في هذه الدار إلا متاع تستمتعون بها إلى أجل أنتم بالغوه، ثم تموتون وتزول عنكم وإن الآخرة هي دار القرار يقول: وإن الدار الآخرة،