الرسل التي كانت قبل هود، والرسل الذين كانوا بعده، بعث الله قبله رسلا، وبعث من بعده رسلا. وقوله: ألا تعبدوا إلا الله يقول تعالى ذكره: جاءتهم الرسل بأن لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له، قالوا: لو شاء ربنا لأنزل ملائكة يقول جل ثناؤه: فقالوا لرسلهم إذ دعوهم إلى الاقرار بتوحيد الله: لو شاء ربنا أن نوحده، ولا نعبد من دونه شيئا غيره، لأنزل إلينا ملائكة من السماء رسلا بما تدعوننا أنتم إليه، ولم يرسلكم وأنتم بشر مثلنا، ولكنه رضى عبادتنا ما نعبد، فلذلك لم يرسل إلينا بالنهي عن ذلك ملائكة.
وقوله: فإنا بما أرسلتم به كافرون يقول: قال لرسلهم: فإنا بالذي أرسلكم به ربكم إلينا جاحدون غير مصدقين به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون) *.
يقول تعالى ذكره: فأما عاد قوم هود فاستكبروا على ربهم وتجبروا في الأرض تكبرا وعتوا بغير ما أذن الله لهم به وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم وأعطاهم ما أعطاهم من عظم الخلق، وشدة البطش هو أشد منهم قوة فيحذروا عقابه، ويتقوا سطوته لكفرهم به، وتكذيبهم رسله وكانوا بآياتنا يجحدون يقول: وكانوا بأدلتنا وحججنا عليهم يجحدون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون) *.
يقول تعالى ذكره: فأرسلنا على عاد ريحا صرصرا.
واختلف أهل التأويل في معنى الصرصر، فقال بعضهم: عني بذلك أنها ريح شديدة.
ذكر من قال ذلك:
23506 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ريحا صرصرا قال: شديدة.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ريحا صرصرا شديدة السموم عليهم.