يقول تعالى ذكره: ما يخاصم في حجج الله وأدلته على وحدانيته بالانكار لها، إلا الذين جحدوا توحيده.
وقوله: فلا يغررك تقلبهم في البلاد يقول جل ثناؤه: فلا يخدعك يا محمد تصرفهم في البلاد وبقاؤهم ومكثهم فيها، مع كفرهم بربهم، فتحسب أنهم إنما أمهلوا وتقلبوا، فتصرفوا في البلاد مع كفرهم بالله، ولم يعاجلوا بالنقمة والعذاب على كفرهم لأنهم على شئ من الحق فإنا لم نمهلهم لذلك، ولكن ليبلغ الكتاب أجله، ولتحق عليهم كلمة العذاب، عذاب ربك، كما:
23337 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فلا يغررك تقلبهم في البلاد أسفارهم فيها، ومجيئهم وذهابهم.
ثم قص على رسول الله (ص) قصص الأمم المكذبة رسلها، وأخبره أنهم كانوا من جدالهم لرسله على مثل الذي عليه قومه الذين أرسل إليهم، وإنه أحل بهم من نقمته عند بلوغهم أمدهم بعد إعذار رسله إليهم، وإنذارهم بأسه ما قد ذكر في كتابه إعلاما منه بذلك نبيه، أن سنته في قومه الذين سلكوا سبيل أولئك في تكذيبه وجداله سنته من إحلال نقمته بهم، وسطوته بهم، فقال تعالى ذكره: كذبت قبل قومك المكذبين لرسالتك إليهم رسولا، المجادليك بالباطل قوم نوح والأحزاب من بعدهم، وهم الأمم الذين تحزبوا وتجمعوا على رسلهم بالتكذيب لها، كعاد وثمود، وقوم لوط، وأصحاب مدين وأشباههم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23338 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم قال: الكفار.
وقوله: وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه يقول تعالى ذكره: وهمت كل أمة من هذه الأمم المكذبة رسلها، المتحزبة على أنبيائها، برسولهم الذي أرسل إليهم ليأخذوه فيقتلوه، كما:
23339 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه: أي ليقتلوه، وقيل برسولهم وقد قيل: كل أمة، فوجهت الهاء والميم إلى الرجل دون لفظ الأمة، وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله برسولها، يعني برسول الأمة.