ثناؤه: أليس الله يا محمد بعزيز في انتقامه من كفرة خلقه، ذي انتقام من أعدائه الجاحدين وحدانيته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين العادلين بالله الأوثان والأصنام: من خلق السماوات والأرض؟ ليقولن: الذي خلقهن الله فإذا قالوا ذلك، فقل: أفرأيتم أيها القوم هذا الذي تعبدون من دون الله من الأصنام والآلهة إن أرادني الله بضر يقول: بشدة في معيشتي، هل هن كاشفات عني ما يصيبني به ربي من الضر؟ أو أرادني برحمة يقول: إن أرادني ربي أن يصيبني سعة في معيشتي، وكثرة مالي، ورخاء وعافية في بدني، هل هن ممسكات عني ما أراد أن يصيبني به من تلك الرحمة؟ وترك الجواب لاستغناء السامع بمعرفة ذلك، ودلالة ما ظهر من الكلام عليه.
والمعنى: فإنهم سيقولون لا، فقل: حسبي الله مما سواه من الأشياء كلها، إياه أعبد، وإليه أفزع في أموري دون كل شئ سواه، فإنه الكافي، وبيده الضر والنفع، لا إلى الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع، عليه يتوكل المتوكلون يقول: على الله يتوكل من هو متوكل، وبه فليثق لا بغيره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23226 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله حتى بلغ كاشفات ضره يعني: الأصنام أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته.
واختلفت القراء في قراءة كاشفات ضره وممسكات رحمته، فقرأه بعضهم بالإضافة وخفض الضر والرحمة، وقرأه بعض قراء المدينة وعامة قراء البصرة بالتنوين، ونصب الضر والرحمة.
والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان مشهورتان، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وهو نظير قوله: كيد الكافرين في حال الإضافة والتنوين. القول في تأويل قوله تعالى: