وقال آخرون: عنى به من هو قتال سفاك للدماء بغير حق. ذكر من قال ذلك:
23386 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب قال: المسرف: هو صاحب الدم، ويقال: هم المشركون.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عن هذا المؤمن أنه عم بقوله:
إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب والشرك من الاسراف، وسفك الدم بغير حق من الاسراف، وقد كان مجتمعا في فرعون الأمران كلاهما، فالحق أن يعم ذلك كما أخبر جل ثناؤه عن قائله، أنه عم القول بذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يقوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض يعني: أرض مصر، يقول: لكم السلطان اليوم والملك ظاهرين أنتم على بني إسرائيل في أرض مصر فمن ينصرنا من بأس الله يقول: فمن يدفع عنا بأس الله وسطوته إن حل بنا، وعقوبته إن جاءتنا، قال فرعون أريكم إلا ما أرى يقول: قال فرعون مجيبا لهذا المؤمن الناهي عن قتل موسى: ما رأيكم أيها الناس من الرأي والنصيحة إلا ما أرى لنفسي ولكم صلاحا وصوابا، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد. يقول:
وما أدعوكم إلا إلى طريق الحق والصواب في أمر موسى وقتله، فإنكم إن لم تقتلوه بدل دينكم، وأظهر في أرضكم الفساد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقال الذي آمن يقوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب * مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد) *.
يقول تعالى ذكره: وقال المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: يا قوم إني أخاف عليكم بقتلكم موسى إن قتلتموه مثل يوم الأحزاب الذين تحزبوا على رسل الله نوح وهود وصالح، فأهلكهم الله بتجرئهم عليه، فيهلككم كما أهلكهم.
وقوله: مثل دأب قوم نوح يقول: يفعل ذلك بكم فيهلككم مثل سنته في قوم نوح وعاد وثمود وفعله بهم. وقد بينا معنى الدأب فيما مضى بشواهده، المغنية عن إعادته، مع ذكر أقوال أهل التأويل فيه. وقد: