بأسنا بتكذيبهم رسلنا، وجحودهم آياتنا، كيف كان عقبى تكذيبهم. كانوا أكثر منهم يقول: كان أولئك الذين من قبل هؤلاء المكذبيك من قريش أكثر عددا من هؤلاء وأشد بطشا، وأقوى قوة، وأبقى في الأرض آثارا، لأنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوت ويتخذون مصانع. وكان مجاهد يقول في ذلك ما:
23461 حدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وآثارا في الأرض المشي بأرجلهم.
فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون يقول: فلما جاءهم بأسنا وسطوتنا، لم يغن عنهم ما كانوا يعملون من البيوت في الجبال، ولم يدفع عنهم ذلك شيئا، ولكنهم بادوا جميعا فهلكوا. وقد قيل: إن معنى قوله: فما أغنى عنهم فأي شئ أغنى عنهم وعلى هذا التأويل يجب أن يكون ما الأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع. يقول فلهؤلاء المجادليك من قومك يا محمد في أولئك معتبر إن اعتبروا، ومتعظ إن اتعظوا، وإن بأسنا إذا حل بالقوم المجرمين لم يدفعه دافع، ولم يمنعه مانع، وهو بهم إن لم ينيبوا إلى تصديقك واقع. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) *.
يقول تعالى ذكره: فلما جاءت هؤلاء الأمم الذين من قبل قريش المكذبة رسلها رسلهم الذين أرسلهم الله إليهم بالبينات، يعني: بالواضحات من حجج الله عز وجل فرحوا بما عندهم من العلم يقول: فرحوا جهلا منهم بما عندهم من العلم وقالوا: لن نبعث، ولن يعذبنا الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23462 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله فرحوا بما عندهم من العلم قال: قولهم: نحن أعلم منهم، لن نعذب، ولن نبعث.
23463 حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي فرحوا بما عندهم من العلم بجهالتهم.