* (وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب * وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) *.
يقول تعالى ذكره: وقال موسى لفرعون وملئه: إني استجرت أيها القوم بربي وربكم، من كل متكبر عليه، تكبر عن توحيده، والاقرار بألوهيته وطاعته، لا يؤمن بيوم يحاسب الله فيه خلقه، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسئ بما أساء وإنما خص موسى صلوات الله وسلامه عليه، الاستعاذة بالله ممن لا يؤمن بيوم الحساب، لان من لم يؤمن بيوم الحساب مصدقا، لم يكن للثواب على الاحسان راجيا، ولا للعقاب على الإساءة، وقبيح ما يأتي من الأفعال خائفا، ولذلك كان استجارته من هذا الصنف من الناس خاصة.
وقوله: وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه اختلف أهل العلم في هذا الرجل المؤمن، فقال بعضهم: كان من قوم فرعون، غير أنه كان قد آمن بموسى، وكان يسر إيمانه من فرعون وقومه خوفا على نفسه. ذكر من قال ذلك:
23382 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي وقال رجل مؤمن من آل فرعون قال: هو ابن عم فرعون.
ويقال: هو الذي نجا مع موسى، فمن قال هذا القول، وتأول هذا التأويل، كان صوابا الوقف إذا أراد القارئ الوقف على قوله: من آل فرعون، لان ذلك خبر متناه قد تم.
وقال آخرون: بل كان الرجل إسرائيليا، ولكنه كان يكتم إيمانه من آل فرعون.
والصواب على هذا القول لمن أراد الوقف أن يجعل وقفه على قوله: يكتم إيمانه لان قوله: من آل فرعون صلة لقوله: يكتم إيمانه فتمامه قوله: يكتم إيمانه، وقد ذكر أن اسم هذا الرجل المؤمن من آل فرعون: جبريل، كذلك 23383 حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق.