واختلف أهل العربية في العامل، في قوله أفغير النصب، فقال بعض نحويي البصرة: قل أفغير الله تأمروني، يقول: أفغير الله أعبد تأمروني، كأنه أراد الالغاء، والله أعلم، كما تقول: ذهب فلان يدري، جعله على معنى: فما يدري. وقال بعض نحويي الكوفة: غير منتصبة بأعبد، وأن تحذف وتدخل، لأنها علم للاستقبال، كما تقول: أريد أن أضرب، وأريد أضرب، وعسى أن أضرب، وعسى أضرب، فكانت في طلبها الاستقبال، كقولك: زيدا سوف أضرب، فلذلك حذفت وعمل ما بعدها فيما قبلها، ولا حاجة بنا إلى اللغو.
وقوله: ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك يقول تعالى ذكره: ولقد أوحى إليك يا محمد ربك، وإلى الذين من قبلك من الرسل لئن أشركت ليحبطن عملك يقول: لئن أشركت بالله شيئا يا محمد، ليبطلن عملك، ولا تنال به ثوابا، ولا تدرك جزاء إلا جزاء من أشرك بالله، وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم ومعنى الكلام: ولقد أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك، ولتكونن من الخاسرين، وإلى الذين من قبلك، بمعنى:
وإلى الذين من قبلك من الرسل من ذلك، مثل الذي أوحى إليك منه، فاحذر أن تشرك بالله شيئا فتهلك.
ومعنى قوله: ولتكونن من الخاسرين ولتكونن من الهالكين بالاشراك بالله إن أشركت به شيئا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين * وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): لا تعبد ما أمرك به هؤلاء المشركون من قومك يا محمد بعبادته، بل الله فاعبد دون كل ما سواه من الآلهة والأوثان والأنداد وكن من الشاكرين لله على نعمته عليك بما أنعم عليك من الهداية لعبادته، والبراءة من عبادة الأصنام والأوثان. ونصب اسم الله بقوله فاعبد وهو بعده، لأنه رد كلام، ولو نصب بمضمر