القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) *.
يقول تعالى ذكره: أو لم يعلم يا محمد هؤلاء الذين كشفنا عنهم ضرهم، فقالوا: إنما أوتيناه على علم منا، أن الشدة والرخاء والسعة والضيق والبلاء بيد الله، دون كل من سواه، يبسط الرزق لمن يشاء، فيوسعه عليه، ويقدر ذلك على من يشاء من عباده، فيضيقه، وأن ذلك من حجج الله على عباده، ليعتبروا به ويتذكروا، ويعلموا أن الرغبة إليه والرهبة دون الآلهة والأنداد. إن في ذلك لآيات يقول: إن في بسط الله الرزق لمن يشاء، وتقتيره على من أراد الآيات، يعني: دلالات وعلامات لقوم يؤمنون يعني: يصدقون بالحق، فيقرون به إذا تبينوه وعلموا حقيقته أن الذي يفعل ذلك هو الله دون كل ما سواه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) *.
اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية، فقال بعضهم: عني بها قوم من أهل الشرك، قالوا لما دعوا إلى الايمان بالله: كيف نؤمن وقد أشركنا وزنينا، وقتلنا النفس التي حرم الله، والله يعد فاعل ذلك النار، فما ينفعنا مع ما قد سلف منا الايمان، فنزلت هذه الآية. ذكر من قال ذلك:
23243 حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله وذلك أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أنه من عبد الأوثان، ودعا مع الله إلها آخر، وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم، وقد عبدنا الآلهة، وقتلنا النفس التي حرم الله ونحن أهل الشرك؟ فأنزل الله: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله يقول: لا تيأسوا من رحمتي، إن الله يغفر الذنوب جميعا وقال:
وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له وإنما يعاتب الله أولي الألباب وإنما الحلال والحرام لأهل