* (وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب * قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) *.
يقول تعالى ذكره: وقال أهل جهنم لخزنتها وقوامها، استغاثة بهم من عظيم ما هم فيه من البلاء، ورجاء أن يجدوا من عندهم فرجا ادعوا ربكم لنا يخفف عنا يوما واحدا، يعني قدر يوم واحد من أيام الدنيا من العذاب الذي نحن فيه. وإنما قلنا: معنى ذلك: قدر يوم من أيام الدنيا، لان الآخرة يوم لا ليل فيه، فيقال: خفف عنهم يوما واحدا.
وقوله: قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات يقول تعالى ذكره: قالت خزنة جهنم لهم: أو لم تك تأتيكم في الدنيا رسلكم بالبينات من الحجج على توحيد الله، فتوحدوه وتؤمنوا به، وتتبرؤوا مما دونه من الآلهة؟ قالوا: بلى، قد أتتنا رسلنا بذلك.
وقوله: قالوا فادعوا يقول جل ثناؤه: قالت الخزنة لهم: فادعوا إذن ربكم الذي أتتكم الرسل بالدعاء إلى الايمان به.
وقوله: وما دعاء الكافرين إلا في ضلال يقول: قد دعوا وما دعاؤهم إلا في ضلال، لأنه دعاء لا ينفعهم، ولا يستجاب لهم، بل يقال لهم: اخسئوا فيها ولا تكلمون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) *.
يقول القائل: وما معنى: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا وقد علمنا أن منهم من قتله أعداؤه، ومثلوا به، كشعياء ويحيى بن زكريا وأشباههما، ومنهم من هم بقتله قومه، فكان أحسن أحواله أن يخلص منهم حتى فارقهم ناجيا بنفسه، كإبراهيم الذي هاجر إلى الشام من أرضه مفارقا لقومه، وعيسى الذي رفع إلى السماء إذ أراد قومه قتله، فأين النصرة التي أخبرنا أنه ينصرها رسله، والمؤمنين به في الحياة الدنيا، وهؤلاء أنبياؤه