يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد، الله خالق السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الذي لا تراه الابصار، ولا تحسه العيون والشهادة الذي تشهده أبصار خلقه، وتراه أعينهم أنت تحكم بين عبادك فتفصل بينهم بالحق يوم تجمعهم لفصل القضاء بينهم فيما كانوا فيه في الدنيا يختلفون من القول فيك، وفي عظمتك وسلطانك، وغير ذلك من اختلافهم بينهم، فتقضي يومئذ بيننا وبين هؤلاء المشركين الذين إذا ذكرت وحدك اشمأزت قلوبهم، وإذا ذكر من دونك استبشروا بالحق. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23238 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله:
فاطر السماوات والأرض فاطر: قال خالق. وفي قوله عالم الغيب قال: ما غاب عن العباد فهو يعلمه، والشهادة: ما عرف العباد وشهدوا، فهو يعلمه.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) *.
يقول تعالى ذكره: ولو أن لهؤلاء المشركين بالله يوم القيامة، وهم الذين ظلموا أنفسهم ما في الأرض جميعا في الدنيا من أموالها وزينتها ومثله معه مضاعفا، فقبل ذلك منهم عوضا من أنفسهم، لفدوا بذلك كله أنفسهم عوضا منها، لينجو من سوء عذاب الله، الذي هو معذبهم به يومئذ وبدا لهم من الله يقول: وظهر لهم يومئذ من أمر الله وعذابه، الذي كان أعده لهم، ما لم يكونوا قبل ذلك يحتسبون أنه أعده لهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) *.
يقول تعالى ذكره: وظهر لهؤلاء المشركين يوم القيامة سيئات ما كسبوا من الأعمال في الدنيا، إذ أعطوا كتبهم بشمائلهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ووجب عليهم حينئذ، فلزمهم عذاب الله الذي كان نبي الله (ص) في الدنيا يعدهم على كفرهم بربهم، فكانوا به يسخرون، إنكارا أن يصيبهم ذلك، أو ينالهم تكذيبا منهم به، وأحاط ذلك بهم.
القول في تأويل قوله تعالى: