يقتنيها أهل الاسلام لمركب أو لمطعم لتركبوا منها يعني: الخيل والحمير ومنها تأكلون يعني الإبل والبقر والغنم. وقال: لتركبوا منها ومعناه: لتركبوا منها بعضا ومنها بعضا تأكلون، فحذف استغناء بدلالة الكلام على ما حذف.
وقوله: ولكم فيها منافع وذلك أن جعل لكم من جلودها بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم، ويوم إقامتكم، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين.
وقوله: ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم يقول: ولتبلغوا بالحمولة على بعضها، وذلك الإبل حاجة في صدوركم لم تكونوا بالغيها لولا هي، إلا بشق أنفسكم، كما قال جل ثناؤه: وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23459 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم يعني الإبل تحمل أثقالكم إلى بلد.
23460 حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم لحاجتكم ما كانت.
وقوله: وعليها يعني: وعلى هذه الإبل، وما جانسها من الانعام المركوبة وعلى الفلك يعني: وعلى السفن تحملون يقول نحملكم على هذه في البر، وعلى هذه في البحر ويريكم آياته يقول: ويريكم حججه، فأي آيات الله تنكرون يقول: فأي حجج الله التي يريكم أيها الناس. في السماء والأرض تنكرون صحتها، فتكذبون من أجل فسادها بتوحيد الله، وتدعون من دونه إلها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) *.
يقول تعالى ذكره: أفلم يسر يا محمد هؤلاء المجادلون في آيات الله من مشركي قومك في البلاد، فإنهم أهل سفر إلى الشأم واليمن، رحلتهم في الشتاء والصيف، فينظروا فيما وطئوا من البلاد إلى وقائعنا بمن أوقعنا به من الأمم قبلهم، ويروا ما أحللنا بهم من