وقد بينا العلة في نظير ذلك في غير موضع من هذا الكتاب، فأغنى ذلك عن إعادته.
وقوله: ذلك تقدير العزيز العليم يقول تعالى ذكره: هذا الذي وصفت لكم من خلقي السماء والأرض وما فيهما، وتزييني السماء الدنيا بزينة الكواكب، على ما بينت تقدير العزيز في نقمته من أعدائه، العليم بسرائر عباده وعلانيتهم، وتدبيرهم على ما فيه صلاحهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود * إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون) *.
يقول تعالى ذكره: فإن أعرض هؤلاء المشركون عن هذه الحجة التي بينتها لهم يا محمد، ونبهتهم عليها فلم يؤمنوا بها ولم يقروا أن فاعل ذلك هو الله الذي لا إله غيره، فقل لهم: أنذرتكم أيها الناس صاعقة تهلككم مثل صاعقة عاد وثمود.
وقد بينا فيما مضى أن معنى الصاعقة: كل ما أفسد الشئ وغيره عن هيئته. وقيل في هذا الموضع عنى بها وقيعة من الله وعذاب. ذكر من قال ذلك:
23504 حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور عن معمر، عن قتادة، في قوله: صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود قال: يقول: أنذرتكم وقيعة عاد وثمود، قال:
عذاب مثل عذاب عاد وثمود.
وقوله: إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم يقول: فقل: أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود التي أهلكتهم، إذ جاءت عادا وثمود الرسل من بين أيديهم فقوله إذ من صلة صاعقة. وعنى بقوله: من بين أيديهم الرسل التي أتت آباء الذين هلكوا بالصاعقة من هاتين الأمتين. وعنى بقوله: ومن خلفهم: من خلف الرسل الذين بعثوا إلى آبائهم رسلا إليهم، وذلك أن الله بعث إلى عاد هودا، فكذبوه من بعد رسل قد كانت تقدمته إلى آبائهم أيضا، فكذبوهم، فأهلكوا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23505 حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: فإن أعرضوا... إلى قوله: ومن خلفهم قال: