وتنتهوا عما نهى عنه، لان النهي مما أنزل في الكتاب، فلو عملوا بما نهوا عنه كانوا عاملين بأقبحه، فذلك وجهه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23262 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم يقول: ما أمرتم به في الكتاب من قبل أن يأتيكم العذاب.
وقوله: من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة يقول: من قبل أن يأتيكم عذاب الله فجأة وأنتم لا تشعرون يقول: وأنتم لا تعلمون به حتى يغشاكم فجأة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين) *.
يقول تعالى ذكره: وأنيبوا إلى ربكم، وأسلموا له أن تقول نفس بمعنى لئلا تقول نفس: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله، وهو نظير قوله: وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم بمعنى: أن لا تميد بكم، فأن، إذ كان ذلك معناه، في موضع نصب.
وقوله: يا حسرتا يعني أن تقول: يا ندما، كما:
23263 حدثني محمد بن الحسين، قال: ثني أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، في قوله: يا حسرتا قال: الندامة.
والألف في قوله يا حسرتا هي كناية اسم المتكلم، وإنما أريد: يا حسرتي ولكن العرب تحول الياء في كناية اسم المتكلم في الاستغاثة ألفا، فتقول: يا ويلتا، ويا ندما، فيخرجون ذلك على لفظ الدعاء، وربما قيل: يا حسرة على العباد، كما قيل: يا لهف، ويا لهفا عليه وذكر الفراء أن أبا شروان أنشده:
تزورونها ولا أزور نساءكم * ألهف لأولاد الإماء الحواطب خفضا كما يخفض في النداء إذا أضافه المتكلم إلى نفسه، وربما أدخلوا الهاء بعد