يقول تعالى ذكره: الذي فعل هذه الأفعال، وأنعم عليكم هذه النعم أيها الناس، الله مالككم ومصلح أموركم، وهو خالقكم وخالق كل شئ لا إله إلا هو يقول: لا معبود تصلح له العبادة غيره، فأنى تؤفكون يقول: فأي وجه تأخذون، وإلى أين تذهبون عنه، فتعبدون سواه؟.
وقوله: كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون يقول: كذهابكم عنه أيها القوم، وانصرافكم عن الحق إلى الباطل، والرشد إلى الضلال، ذهب عنه الذين كانوا من قبلكم من الأمم بآيات الله، يعني: بحجج الله وأدلته يكذبون فلا يؤمنون يقول: فسلكتم أنتم معشر قريش مسلكهم، وركبتم محجتهم في الضلال. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين * هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) *.
يقول تعالى ذكره: الله الذي له الألوهية خالصة أيها الناس الذي جعل لكم الأرض التي أنتم على ظهرها سكان قرارا تستقرون عليها، وتسكنون فوقها، والسماء بناء: بناها فرفعها فوقكم بغير عمد ترونها لمصالحكم، وقوام دنياكم إلى بلوغ آجالكم وصوركم فأحسن صوركم يقول: وخلقكم فأحسن خلقكم ورزقكم من الطيبات يقول: ورزقكم من حلال الرزق، ولذيذات المطاعم والمشارب. وقوله:
ذلكم الله ربكم يقول تعالى ذكره: فالذي فعل هذه الأفعال، وأنعم عليكم أيها الناس هذه النعم، هو الله الذي لا تنبغي الألوهية إلا له، وربكم الذي لا تصلح الربوبية لغيره، لا الذي لا ينفع ولا يضر، ولا يخلق ولا يرزق فتبارك الله رب العالمين يقول: فتبارك الله مالك جميع الخلق جنهم وإنسهم، وسائر أجناس الخلق غيرهم هو الحي يقول: هو الحي الذي لا يموت، الدائم الحياة، وكل شئ سواه فمنقطع الحياة غير دائمها لا إله إلا هو يقول: لا معبود بحق تجوز عبادته، وتصلح الألوهية له إلا الله الذي هذه الصفات صفاته، فادعوه أيها الناس مخلصين له الدين، مخلصين له الطاعة، مفردين له الألوهية،