يقول تعالى ذكره: إن الذين كفروا بالله ينادون في النار يوم القيامة إذا دخلوها ، فمقتوا بدخولهموها أنفسهم حين عاينوا ما أعد الله لهم فيها من أنواع العذاب، فيقال لهم:
لمقت الله إياكم أيها القوم في الدنيا، إذ تدعون فيها للايمان بالله فتكفرون، أكبر من مقتكم اليوم أنفسكم لما حل بكم من سخط الله عليكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23347 حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
لمقت الله أكبر قال: مقتوا أنفسهم حين رأوا أعمالهم، ومقت الله إياهم في الدنيا، إذ يدعون إلى الايمان، فيكفرون أكبر.
23348 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الايمان فتكفرون يقول:
لمقت الله أهل الضلالة حين عرض عليهم الايمان في الدنيا، فتركوه، وأبوا أن يقبلوا، أكبر مما مقتوا أنفسهم، حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة.
23349 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله: إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم في النار إذ تدعون إلى الايمان في الدنيا فتكفرون.
23350 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ينادون لمقت الله... الآية، قال: لما دخلوا النار مقتوا أنفسهم في معاصي الله التي ركبوها، فنودوا: إن مقت الله إياكم حين دعاكم إلى الاسلام أشد من مقتكم أنفسكم اليوم حين دخلتم النار.
واختلف أهل العربية في وجه دخول هذه اللام في قوله: لمقت الله أكبر فقال بعض أهل العربية من أهل البصرة: هي لام الابتداء، كأن ينادون يقال لهم، لان في النداء قول قال: ومثله في الاعراب يقال: لزيد أفضل من عمرو. وقال بعض نحويي الكوفة:
المعنى فيه: ينادون إن مقت الله إياكم، ولكن اللام تكفي من أن تقول في الكلام: ناديت أن زيدا قائم، قال: ومثله قوله: ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين اللام بمنزلة إن في كل كلام ضارع القول مثل ينادون ويخبرون، وأشباه ذلك.