فيكون معنى الكلام حينئذ: تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم، من غافر الذنب، وقابل التوب، لان غافر الذنب نكرة، وليس بالأفصح أن يكون نعتا للمعرفة، وهو نكرة، والآخر أن يكون أجرى في إعرابه، وهو نكرة على إعراب الأول كالنعت له، لوقوعه بينه وبين قوله: ذي الطول وهو معرفة.. وقد يجوز أن يكون أتبع إعرابه وهو نكرة إعراب الأول، إذا كان مدحا، وكان المدح يتبع إعرابه ما قبله أحيانا، ويعدل به عن إعراب الأول أحيانا بالنصب والرفع كما قال الشاعر:
لا يبعدن قومي الذين هم * سم العداة وآفة الجزر النازلين بكل معترك * والطيبين معاقد الأزر وكما قال جل ثناؤه وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد فرفع فعال وهو نكرة محضة، وأتبع إعراب الغفور الودود والآخر: أن يكون معناه: أن ذلك من صفته تعالى، إذ كان لم يزل لذنوب العباد غفورا من قبل نزول هذه الآية وفي حال نزولها، ومن بعد ذلك، فيكون عند ذلك معرفة صحيحة ونعتا على الصحة. وقال: غافر الذنب ولم يقل الذنوب، لأنه أريد به الفعل، وأما قوله: وقابل التوب فإن التوب قد يكون جمع توبة، كما يجمع الدومة دوما والعومة عوما من عومة السفينة، كما قال الشاعر:
(عوم السفين فلما حال دونهم) وقد يكون مصدر تاب يتوب توبا. وقد:
23332 حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، قال: جاء رجل إلى عمر، فقال: إني قتلت، فهل لي من توبة؟ قال: نعم، اعمل ولا تيأس، ثم قرأ: حم تنزيل الكتاب من الله العزير العليم غافر الذنب وقابل التوب.