وقوله: شديد العقاب يقول تعالى ذكره: شديد عقابه لمن عاقبه من أهل العصيان له، فلا تتكلوا على سعة رحمته، ولكن كونوا منه على حذر، باجتناب معاصيه، وأداء فرائضه، فإنه كما أن لا يؤيس أهل الاجرام والآثام من عفوه، وقبول توبة من تاب منهم من جرمه، كذلك لا يؤمنهم من عقابه وانتقامه منهم بما استحلوا من محارمه، وركبوا من معاصيه.
وقوله: ذي الطول يقول: ذي الفضل والنعم المبسوطة على من شاء من خلقه يقال منه: إن فلانا لذو طول على أصحابه، إذا كان ذا فضل عليهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23333 حدثني علي، قال: ثنا أبو الصالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ذي الطول يقول: ذي السعة والغنى.
23334 حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ذي الطول الغنى.
23335 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ذي الطول: أي ذي النعم وقال بعضهم: الطول: القدرة. ذكر من قال ذلك:
23336 حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ذي الطول قال: الطول القدرة، ذاك الطول.
وقوله: لا إله إلا هو إليه المصير يقول: لا معبود تصلح له العبادة إلا الله العزيز العليم، الذي صفته ما وصف جل ثناؤه، فلا تعبدوا شيئا سواه إليه المصير يقول تعالى ذكره: إلى الله مصيركم ومرجعكم أيها الناس، فإياه فاعبدوا، فإنه لا ينفعكم شئ عبدتموه عند ذلك سواه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد * كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب) *.