قوله: إن الذين يلحدون في آياتنا قال: المكاء وما ذكر معه.
وقال بعضهم: أريد به الخبر عن كذبهم في آيات الله. ذكر من قال ذلك:
23592 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة إن الذين يلحدون في آياتنا قال: يكذبون في آياتنا.
وقال آخرون: أريد به يعاندون. ذكر من قال ذلك 23593 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي إن الذين يلحدون في آياتنا قال: يشاقون: يعاندون.
وقال آخرون: أريد به الكفر والشرك. ذكر من قال ذلك:
23594 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا قال: هؤلاء أهل الشرك وقال: الالحاد:
الكفر والشرك.
وقال آخرون: أريد به الخبر عن تبديلهم معاني كتاب الله. ذكر من قال ذلك:
23595 حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا قال: هو أن يوضع الكلام على غير موضعه.
وكل هذه الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك قريبات المعاني، وذلك أن اللحد والالحاد: هو الميل، وقد يكون ميلا عن آيات الله، وعدولا عنها بالتكذيب بها، ويكون بالاستهزاء مكاء وتصدية، ويكون مفارقة لها وعنادا، ويكون تحريفا لها وتغييرا لمعانيها.
ولا قول أولى بالصحة في ذلك مما قلنا، وأن يعم الخبر عنهم بأنهم ألحدوا في آيات الله، كما عم ذلك ربنا تبارك وتعالى.
وقوله: لا يخفون علينا يقول تعالى ذكره: نحن به عالمون لا يخفون علينا، ونحن لهم بالمرصاد إذا وردوا علينا، وذلك تهديد من الله جل ثناؤه لهم بقوله: سيعلمون عند ورودهم علينا ماذا يلقون من أليم عذابنا، ثم أخبر جل ثناؤه عما هو فاعل بهم عند ورودهم عليه، فقال: أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة يقول تعالى