23573 حدثني داود بن سليمان بن يزيد المكتب البصري، قال: ثنا عمرو بن جرير البجلي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، في قول الله: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله قال: المؤذن وعمل صالحا قال: الصلاة ما بين الأذان إلى الإقامة.
وقوله: وقال إنني من المسلمين يقول: وقال: إنني ممن خضع لله بالطاعة، وذل له بالعبودة، وخشع له بالايمان بوحدانيته.
وقوله: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة يقول تعالى ذكره: ولا تستوي حسنة الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، فأحسنوا في قولهم، وإجابتهم ربهم إلى ما دعاهم إليه من طاعته، ودعوا عباد الله إلى مثل الذي أجابوا ربهم إليه، وسيئة الذين قالوا: لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون فكذلك لا تستوي عند الله أحوالهم ومنازلهم، ولكنها تختلف كما وصف جل ثناؤه أنه خالف بينهما، وقال جل ثناؤه: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة فكرر لا، والمعنى: لا تستوي الحسنة ولا السيئة، لان كل ما كان غير مساو شيئا، فالشئ الذي هو له غير مساو غير مساويه، كما أن كل ما كان مساويا لشئ فالآخر الذي هو له مساو، مساو له، فيقال: فلان مساو فلانا، وفلان له مساو، فكذلك فلان ليس مساويا لفلان، ولا فلان مساويا له، فلذلك كررت لا مع السيئة، ولو لم تكن مكررة معها كان الكلام صحيحا. وقد كان بعض نحويي البصرة يقول: يجوز أن يقال: الثانية زائدة يريد:
لا يستوي عبد الله وزيد، فزيدت لا توكيدا، كما قال: لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون: أي لان يعلم، وكما قال: لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة. وقد كان بعضهم ينكر قوله هذا في: لئلا يعلم أهل الكتاب، وفي قوله:
لا أقسم فيقول: لا الثانية في قوله: لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون ردت إلى موضعها، لأن النفي إنما لحق يقدرون لا العلم، كما يقال: لا أظن زيدا لا يقوم، بمعنى:
أظن زيدا لا يقوم قال: وربما استوثقوا فجاؤوا به أولا وآخرا، وربما اكتفوا بالأول من الثاني. وحكي سماعا من العرب: ما كأني أعرفها: أي كأني لا أعرفها. قال: وأما لا في قوله لا أقسم فإنما هو جواب، والقسم بعدها مستأنف، ولا يكون حرف الجحد مبتدأ صلة.