حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن عامر في قوله: ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله قال: الضرب الشديد.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا تأخذكم بهما رأفة فتخففوا الضرب عنهما، ولكن أوجعوهما ضربا. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن أبي بكر، قال: ثنا أبو جعفر، عن قتادة، عن الحسن وسعيد ابن المسيب: ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله قال: الجلد الشديد.
قال: ثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن حماد، قال: يحد القاذف والشارب وعليهما ثيابهما. وأما الزاني فتخلع ثيابه. وتلا هذه الآية: ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله فقلت لحماد: أهذا في الحكم؟ قال: في الحكم والجلد.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: يجتهد في حد الزاني والفرية، ويخفف في حد الشرب. وقال قتادة: يخفف في الشراب، ويجتهد في الزاني.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ولا تأخذكم بهما رأفة في إقامة حد الله عليهما الذي افترض عليكم إقامته عليهما.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالصواب، لدلالة قول الله بعده: في دين الله، يعني في طاعة الله التي أمركم بها. ومعلوم أن دين الله الذي أمر به في الزانيين: إقامة الحد عليهما، على ما أمر من جلد كل واحد منهما مئة جلدة، مع أن الشدة في الضرب لا حد لها يوقف عليه، وكل ضرب أوجع فهو شديد، وليس للذي يوجع في الشدة حد لا زيادة فيه فيؤمر به وغير جائز وصفه جل ثناؤه بأنه أمر بما لا سبيل للمأمور به إلى معرفته. وإذا كان ذلك كذلك، فالذي للمأمورين إلى معرفته السبيل هو عدد الجلد على ما أمر به، وذلك هو إقامة الحد على ما قلنا. وللعرب في الرأفة لغتان: الرأفة بتسكين الهمزة، والرأفة بمدها، كالسأمة والسآمة، والكأبة والكآبة. وكأن الرأفة المرة الواحدة، والرآفة المصدر، كما قيل:
ضؤل ضآلة مثل فعل فعالة، وقبح قباحة.
وقوله: إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر يقول: إن كنتم تصدقون بالله ر بكم وباليوم الآخر، وأنكم فيه مبعوثون لحشر القيامة وللثواب والعقاب، فإن من كان بذلك