الحق، من أجل أنك تأكل الطعام وتمشي في الأسواق، ولكن من أجل أنهم لا يوقنون بالمعاد ولا يصدقون بالثواب والعقاب، تكذيبا منهم بالقيامة وبعث الله الأموات أحياء لحشر القيامة. وأعتدنا يقول: وأعددنا لمن كذب ببعث الله الأموات أحياء بعد فنائهم لقيام الساعة، نارا تسعر عليهم وتتقد. إذا رأتهم من مكان بعيد يقول: إذا رأت هذه النار التي أعتدناها لهؤلاء المكذبين أشخاصهم من مكان بعيد، تغيظت عليهم وذلك أن تغلى وتفور. يقال: فلان تغيظ على فلان، وذلك إذ غضب عليه فغلى صدره من الغضب عليه وتبين في كلامه. وزفيرا، وهو صوتها.
فإن قال قائل: وكيف قيل: سمعوا لها تغيظا والتغيظ: لا يسمع؟ قيل: معنى ذلك: سمعوا لها صوت التغيظ، من التلهب والتوقد.
حدثني محمود بن خداش، قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي، قال: ثنا أصبع بن زيد الوراق، عن خالد بن كثير، عن فديك، عن رجل من أصحاب محمد (ص)، قال: قال رسول الله (ص): من يقول علي ما لم أقل فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا قالوا:
يا رسول الله، وهل لها من عين؟ قال: ألم تسمعوا إلى قول الله: إذا رأتهم من مكان بعيد؟... الآية.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر في قوله:
سمعوا لها تغيظا وزفيرا قال: أخبرني المنصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير، قال: إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك ولا نبي إلا خر ترعد فرائصه حتى إن إبراهيم ليجثو على ركبتيه، فيقول: يا رب لا أسألك اليوم إلا نفسي.
حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال:
أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: إن الرجل ليجر إلى النار، فتنزوي وينقبض بعضها إلى بعض، فيقول لها الرحمن ما لك؟ فتقول: إنه ليستجير مني فيقول: أرسلوا عبدي وإن الرجل ليجر إلى النار، فيقول: يا رب ما كان هذا الظن بك فيقول: فما كان ظنك؟ فيقول: أن تسعني رحمتك قال: فيقول أرسلوا عبدي وإن الرجل ليجر إلى النار فتشهق إليه النار شهوق البغلة إلى الشعير وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف. القول في تأويل قوله تعالى: