يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم ".
وفي نهاية الآية يقول تعالى بعد أن بين تلك الخصائص: ذلك هدى الله يهدي به من يشاء.
حقا إن القرآن نزل لهداية الجميع، لكن المتقين وطلاب الحق والحقيقة هم المستفيدون - فقط - من نوره، أما أولئك الذين تعمدوا إغلاق كافة نوافذ قلوبهم أمام نور القرآن الكريم، والذين تتحكم بأرواحهم ظلمات التعصب والعناد فقط لا يستفيدون من نور القرآن، وإنما يزدادون ضلالة من جراء عنادهم وعدائهم، لذلك فإن تتمة الآية تقول: ومن يضلل الله فما له من هاد.
فهذه الضلالة هي التي يضع الإنسان حجر أساسها بيده، ويحكم بناء أساسها بواسطة أعماله الخاطئة والسيئة، ولذلك لا تتنافى اطلاقا مع إرادة الإنسان وحريته.
الآية التالية تقارن بين مجموعة من الظالمين والمجرمين، ومجموعة من المؤمنين الذين استعرضت أوضاعهم فيما قبل، وذلك كي تجعل الحقيقة أكثر وضوحا في هذه المقارنة، إذ تقول: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة (1) كمن هو آمن في ذلك اليوم ولا تمسه النار أبدا؟!.
الملاحظة التي ينبغي الالتفات إليها، هي قوله تعالى: يتقي بوجه سوء العذاب وكما هو معروف فإن الوجه أشرف أعضاء جسم الإنسان، لأن فيه (العينان والفم والأذنان) التي هي أهم حواس الإنسان، وأساسا فإن تشخيص الإنسان إنما يتم عن طريق وجهه، ولهذه الخصائص الموجودة في الوجه، فإن