لا يشعرون.
فالإنسان لا يتألم كثيرا إن أصيب بضربة كان يتوقعها، إلا أنه يتألم كثيرا إن وجهت إليه ضربة من طرف لم يتوقع أن تصدر منه، كأن تصدر عن أقرب أصدقائه، أو يلحق به أذى من أمور حيوية جدا ومحبوبة له كالماء الذي هو مصدر حياة الإنسان، أو من نفحة النسيم التي هي مصدر نشاطه، أو من الأرض الهادئة التي هي مقر استراحته وأمنه.
نعم، إن نزول العذاب الإلهي بواسطة هذه الطرق يعد أمرا مؤلما جدا، كالذي أصاب قوم نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون وقارون وأمثالهم، إذ لم يكن أي أحد منهم يتوقع أن يصيبه العذاب بواسطة إحدى الطرق المذكورة أعلاه.
الآية الأخيرة في بحثنا هذا تبين أن عذاب هؤلاء الدنيوي لا يقتصر على العذاب الجسدي، وإنما يشتمل أيضا على عقوبات نفسية: فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا (1).
نعم، فإن أصيب الإنسان بمصيبة في هذه الدنيا، ثم خرج منها مرفوع الرأس حافظا لماء وجهه، فهذه الحالة ليست بعار وخزي على الإنسان، إنما العار والخزي للإنسان الذي يخرج من هذه الدنيا رذيلا وذليلا، ومبتلى بعذاب فاضح يريق ماء وجهه، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.
كلمة (أكبر) كناية عن شدة العذاب وقسوته.
* * * 2 بحث وردت عدة روايات في ذيل الآيات مورد البحث تجسم أمامنا آفاقا أوسع مهما يفهم من الآية.