الإنسان عندما يحس أن هناك خطرا سيصيب وجهه، فإنه يضع يديه وما يمكن من أعضاء جسمه أمام وجهه كدرع لدرء ذلك الخطر.
إلا أن أوضاع الظالمين في جهنم في ذلك اليوم تجبرهم على استخدم وجوههم كوسيلة دفاعية، لأن أيديهم وأرجلهم مقيدة بالسلاسل، كما ورد في الآية (8) من سورة يس: إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون.
قال البعض: بما أن أهل جهنم يرمون على وجوههم في النار، لذا فإن الوجه هو أول عضو من أعضاء الجسم يحترق في نار جهنم، كما ورد في الآية (90) من سورة النمل: من جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار.
والبعض الآخر قال: إن هذه العبارة كناية عن عجز أهل جهنم من الدفاع عن أنفسهم مقابل نار جهنم.
التفاسير الثلاثة - هذه - لا تتعارض مع بعضها، ويمكن أن تعطي جميعها مفهوم الآية.
ثم تضيف نهاية الآية: وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون.
نعم، إن ملائكة العذاب هي التي توضح لهم هذه الحقيقة المرة والمؤلمة، إذ يقولون لهم: إن أعمالكم ستبقى معكم وستعذبكم، وهذا التوضيح هو تعذيب روحي آخر لهؤلاء.
ومما يلفت النظر أن هذه العبارة لا تقول: ذوقوا عقاب ما كنتم تكسبون، وإنما تقول لهم: ذوقوا ما كنتم تكسبون، وهذا شاهد آخر على مسألة تجسيد الأعمال يوم القيامة.
إن ما قيل لحد الآن هو إشارة بسيطة لعذابهم الأليم في يوم القيامة، والآية التالية تتحدث عن العذاب الدنيوي لهؤلاء، كي لا يتصور أحد أنه يعيش في أمان بهذه الدنيا، قال تعالى: كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث