أما بخصوص الأمم فقد تم استخدام عبارة (من ينيب) " والتي تعني الرجوع إلى الخالق والتوبة عن الذنب " حتى يتضح معيار الهداية الإلهية وشرائطها للجميع، ويعثروا على طريق الوصول إلى بحر رحمته.
جاء في الحديث القدسي " من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " (1).
وقد ورد هذا الاحتمال أيضا في تفسير الجملة الأخيرة، وهو أن (الاجتباء) لا يختص بالأنبياء فحسب، بل يشمل جميع العباد المخلصين الذين لهم المقام المحمود عند الخالق.
وبما أن أحد أركان دعوة الأنبياء أولى العزم هو عدم التفرق في الدين، فقد كانوا يدعون لذلك حتما، لذا فقد يطرح هذا السؤال: ما هو أساس كل هذه الاختلافات المذهبية؟
وقد أجابت الآية الأخرى على هذا السؤال وذكرت أساس الاختلافات الدينية بأنه: وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم، فالاختلافات لم تحدث إلا بسبب حب الدنيا والمنصب والظلم والحسد والعداوة.
نعم، فعبيد الدنيا الظلمة والحسودون الحاقدون وقفوا حيال أديان الأنبياء جميعا، ودفعوا كل مجموعة باتجاه معين كيما يثبتوا أركان زعامتهم ويؤمنوا مصالحهم الدنيوية، ويكشفوا - علانية - حسدهم وعداوتهم للمؤمنين الحقيقيين دين الأنبياء، ولكن كل هذا حصل بعد إتمام الحجة.
وبهذا الترتيب فإن أساس التفرق في الدين لم يكن الجهل، بل كان الظلم والبغي والانحراف عن الحق، والأهواء والآراء الشخصية.
" فالعلماء الذين يطلبون الدنيا " و " والحاقدون من الناس والمتعصبون " اتحدوا معا لزرع هذه الاختلافات.