الآية في قوله تعالى: أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد إشارة إلى دليل " الصديقين ".
ولكن ليس ثمة قرائن واضحة من نفس الآية تؤيد فكرة هذا الاستنتاج!
3 ثانيا: حقيقة إحاطة الله بكل شئ يجب أن لا نتصور - مطلقا - أن إحاطة الخالق جل وعلا بالموجودات والكائنات تشبه إحاطة الهواء الذي يلف الكرة الأرضية ويغلفها، لأن مثل هذه الإحاطة هي دليل المحدودية، بل الإحاطة المعنية هنا تتضمن معنى دقيقا ولطيفا يتمثل في ارتباط كل الكائنات والموجودات بالذات المقدسة.
وبعبارة أخرى: لا يوجد في عالم الوجود سوى وجود أصيل واحد قائم بذاته، وبقية الموجودات والكائنات تعتمد عليه وترتبط به، بحيث لو زال هذا الارتباط لحظة واحدة فلا يبقى شئ منها.
إن هذه الإحاطة نتلمس كنهها وحقيقتها في الكلمات الواردة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ يقول: " مع كل شئ لا بمقارنة، وغير كل شئ لا بمزايلة ".
وقد نلمح هذا المعنى بعينه فيما ذكره الإمام الحسين (عليه السلام) في دعاء عرفة ذي المحتوى العميق، إذ يقول فيه: " أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟ عميت عين لا تراك عليها رقيبا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا " (1).
3 ثالثا: آيات الآفاق والأنفس لو أتيح للإنسان أن ينكر كل ما يستطيع، فهو لا يستطيع أن ينكر وجود نظام