رددت إلى ربي لا جدن خيرا منها منقلبا (1).
لكن الله يحذر أمثال هؤلاء بقوله تعالى: فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ.
" العذاب الغليظ " هو العذاب الشديد المتراكم.
نفس هذا المعنى لاحظناه في مكان آخر من القرآن، في قوله تعالى في الآية (10) من سورة هود: ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور.
الآية التي بعدها تذكر حالة ثالثة لمثل هؤلاء، هي حالة النسيان عند النعمة والفزع والجزع عند المصيبة.
يقول تعالى: وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه أما: وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض.
" نئا " من " نأي " على وزن " رأي " وتعني الابتعاد، وعندما تقترن مع كلمة " بجانبه " فتكون كناية عن التكبر والغرور، لأن المتكبرين ينأون بوجوههم دون اهتمام ويبتعدون.
" العريض " مقابل الطويل، ويستخدم العرب هاتين الكلمتين للدلالة على الزيادة والكثرة.
وفي الآية (12) من سورة يونس نرى معاني شبيهة لما نحن بصدده، حيث يقول تعالى: وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون.
إن الإنسان الذي يفتقد الإيمان والتقوى يكون عرضة لمثل هذه الحالات، فهو مع إقبال النعم مغرور ناس لله، وإذا أدبرت عنه قنوط يائس كثير الجزع.