وعندما نسمع إطلاق كلمة " المراء " على " المجادلة " فذلك لما يحاوله الإنسان من إخراج ما في ذهن الطرف الآخر.
والآية - في هذا الجزء منها - رد على شبهات الكفار بخصوص المعاد، فهؤلاء يقولون: كيف يمكن لهذا التراب المتناثر المختلط مع بعضه البعض أن ينفصل؟ ومن يستطيع أن يجمع أجزاء الإنسان؟ والأكثر من ذلك: من الذي يحيط بنيات الناس وأعمالهم على مدى تأريخ البشرية؟
القرآن يجيب على كل ذلك بالقول: كيف يمكن للخالق المحيط بكل شئ أن لا تكون هذه الأمور طوع قدرته وواضحة بالنسبة له؟
ثم إن دليل إحاطة علمه بكل شئ، هو تدبيره لكل هذه الأمور، فكيف يجوز له أن لا يعلم بأمور ما خلق ودبر؟
بعض المفسرين اعتبر أن الآية تختص بالتوحيد وليس بالمعاد، حيث يقول العلامة الطباطبائي في ذلك: " الذي يفيده السياق أن في الآية تنبيها على أنهم لا ينتفعون بالاحتجاج على وحدانيته تعالى بكونه شهيدا على كل شئ، وهو أقوى براهين التوحيد وأوضحها لمن تعقل، لأنهم في مرية وشك من لقاء ربهم، وهو تعالى غير محجوب بصفاته وأفعاله عن شئ من خلقه " (1).
ولكن هذا التفسير مستبعد نظرا لأن تعبير " لقاء الله " عادة ما يأتي للكناية على يوم القيامة.
* * * 2 بحوث 3 أولا: التوحيد بين دليل " النظم " ودليل " الصديقين " أشار الفلاسفة في بحوثهم حول التوحيد إلى الأهمية الكبيرة لنوعين من