ومن الواضح أن هذا الكلام إنما يقال للاشخاص الذين لا ينفع معهم أي دليل منطقي لشدة عنادهم وتعصبهم. فالآية تقول لهؤلاء: إذا كنتم ترفضون حقانية القرآن والتوحيد ووجود عالم ما بعد الموت وتصرون عليه، فأنتم لا تملكون حتما دليلا قاطعا على هذا الرفض، لذا يبقى ثمة احتمال في أن تكون دعوة القرآن وقضية المعاد حقيقة موجودة، عندها عليكم أن تتصوروا المصير الأسود الموحش الذي ينتظركم لعنادكم وضلالكم ومعارضتكم الشديدة إزاء الدين الإلهي.
إنه نفس الأسلوب الذي نقرأ عنه في محاججة أئمة المسلمين لأمثال هؤلاء الأفراد، كما نرى ذلك واضحا في الحادثة التي ينقلها العلامة الكليني في " الكافي " حيث يذكر فيه الحوار الذي دار بين الإمام الصادق (عليه السلام) وابن أبي العوجاء.
فمن المعروف أن " عبد الكريم بن أبي العوجاء " كان من ملاحدة عصره ودهرييها، وقد حضر الموسم (الحج) أكثر من مرة والتقى مع الإمام الصادق في مجالس حوار، انتهت إلى رجوع بعض أصحابه عنه إلى الإسلام، ولكن ابن أبي العوجاء لم يسلم، وقد صرح الإمام (ع) بأن سبب ذلك هو إنه أعمى ولذلك لا يسلم.
والحادثة موضع الشاهد هنا، هي أن الإمام بضر بابن أبي العوجاء في الموسم فقال له: ما جاء بك إلى هذا الموضع؟
فأجاب ابن أبي العوجاء: عادة الجسد، وسنة البلد، ولننظر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة!