والمستقبل، فان قولهم هذا مصداق للمفهوم الأول.
" الباطل " كما يرى الراغب في مفرداته: هو ما يقابل الحق، ولكن قد يفسر أو يراد به أحيانا أحد مصاديقه كالشرك والشيطان والمعدوم والساحر.
ويطلق على الشجاع ب " البطل " لأنه يبطل أعداءه ويقتلهم أو يلقي بهم خارجا.
لكن " باطل " في الآية تنطوي على مفهوم مطلق غير محدد بمصداق معين.
والتعبير الأخير في الآية تنزيل من حكيم حميد دليل واضح على عدم وصول الباطل بأي طريق من الطرق إلى القرآن الكريم، فالباطل قد يسري إلى الكلام الذي يصدر من الأفراد ذوي العلم المحدود والقدرات النسبية.
أما الذي يتصف بالعلم المطلق والحكمة المطلقة ويجمع كل الصفات الكمالية التي تجعله أهلا للحمد، فلا يطرأ على كلامه التناقض والاختلاف، ولا ينسخ أو ينقض، أو تمتد إليه يد التحريف، ولا يتناقض كلامه مع الكتب السماوية والحقائق السابقة، ولا يعارض بالمكتشفات العلمية الراهنة، أو تلك التي يكشفها المستقبل.
وأخيرا، الآية واضحة الدلالة على نفي التحريف عن القرآن الكريم، سواء من جهة الزيادة أو النقصان (هناك بحث مفصل حول نفي التحريف أوردناه في نهاية الحديث عن الآية (9) من سورة " الحجر ".
سؤال:
قد يقال: إذا كان الباطل هو ما أشرنا إليه، أي كل ما يتصف بأنه " المخالف الحق " فإننا في تفسير الآية (وكذلك المفسرين الأخرين) فسرناه بمعنى " المبطل " فكيف يتسق ذلك؟
الإجابة على هذا السؤال تكمن في ملاحظة دقيقة في الأسلوب القرآني، فالقرآن لا يقول: سوف لا يأتي باطل بعد هذا الكتاب السماوي، بل يقول لا يأتي الباطل إلى هذا الكتاب (أي القرآن) [ينبغي الانتباه إلى ضمير جملة: يأتيه].