عظيم.
التأمل في هذه الآيات يكشف بوضوح عن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو عبد من عباد الله، وهو مكلف أيضا بعبادة الله بإخلاص، لأنه - هو أيضا - يخاف العذاب الإلهي، وهو مكلف بإطاعة الأوامر الإلهية، كما أنه مكلف بتكاليف وواجبات أثقل وأعظم من تكاليف الأخرين، ولذا يجب أن يكون أفضل وأسمى من الأخرين.
إنه لم يدع الألوهية أبدأ، ولم يخط خطوة واحدة خارج مسير العبودية، بل إنه يفتخر ويتباهى بهذا المقام، ولهذا السبب كان قدوة وأسوة، وهو (صلى الله عليه و آله وسلم) لم يفضل نفسه على الآخرين، وهذا دليل على عظمته وأحقيته، فهو ليس كالمدعين الكذابين الذين كانوا يدعون الناس إلى عبادتهم، ويعتبرون أنفسهم أرقى من البشر، وأنهم من معدن ثمين أفضل من الناس، وأحيانا يدعون أتباعهم إلى التبرع سنويا بالذهب والجواهر بقدر وزنهم.
إنه يقول: إني لست مثل السلاطين المتجبرين على رقاب الناس الذين يكلفون الناس ببعض التكاليف ويعتبرون أنفسهم " فوق تلك التكاليف " وهذا في الواقع إشارة إلى موضوع تربوي هام، وهو أن كل إنسان - مربيا كان أم قائدا - عليه أن يكون السباق في تنفيذ من أجلها ما يمليه عليه نهجه، فيجب أن يكون أول مؤمن بشريعته أو سنته وأكثر الساعين والمضحين كي يؤمن الناس بصدقه، ويتخذونه أسوة وقدوة لهم في كل الأمور. ومن هنا يتضح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن أول مسلم من حيث الزمان وحسب، وإنما كان أول إسلاما من كل النواحي، من ناحية الإيمان والإخلاص، والعمل، والتضحية، والجهاد، والصمود، والمقاومة، وتأريخ حياة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤيد هذه الحقيقة بصورة جيدة.
بعد استعراض المناهج السبعة المذكورة في الآيات أعلاه (التقوى، الإحسان، الهجرة، الصبر، الإخلاص، التسليم، الخوف).
ولكون مسألة الإخلاص لها ميزات خاصة في مقابل العلل المختلفة للشرك،