هذه الآية - في الحقيقة - رد على ذوي الإرادة الضعيفة والمتذرعين بمختلف الذرائع الذين يقولون: إننا عاجزون عن أداء الأحكام الإلهية لأننا في أرض مكة التي يحكمها المشركون، والقرآن يرد عليهم بأن أرض الله لا تقتصر على مكة، فإن لم تتمكنوا من أداء فرائضكم في مكة فالمدينة موجودة، بل إن الأرض كلها لله، هاجروا من المواطن الملوثة بالشرك والكفر والظلم التي لا يمكنكم فيها أداء الأحكام الإلهية بحرية إلى آخر.
مسألة الهجرة هي إحدى أهم المسائل التي لم تلعب دورا أساسيا في صدر الإسلام بانتصار الحكومة الإسلامية فحسب، بل إن لها أهمية في كل زمان، لأنها من جهة تمنع مجموعة من المؤمنين أن يستسلموا لضغط وكبت محيطهم، ومن جهة أخرى تكون عاملا مساعدا لتصدير الإسلام إلى نقاط مختلفة في أنحاء العالم.
والقرآن المجيد يقول: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا (1).
وهذا يوضح - بصورة جيدة - أن المؤمن الذي تحيط به الضغوط والكبت، ويستطيع أن يهاجر في سبيل الله عليه أن يهاجر، وإلا فإنه غير معذور أمام الله.
(بشأن أهمية الهجرة في الإسلام وأبعادها المختلفة كانت لنا بحوث مختلفة و مفصلة في ذيل الآية (100) من سورة النساء، وفي ذيل الآية (72) من سورة الأنفال).
ولأن الهجرة ترافقها بصورة طبيعية مشكلات كثيرة في مختلف جوانب الحياة، فالمنهج الرابع إذن يتعلق بالصبر والاستقامة، قال تعالى: إنما يوفى