صدورهم إلا كبر.
" المجادلة " - كما أشرنا سابقا - تعني العناد في الكلام وإطالته بأحاديث غير منطقية، وإن كانت تشمل أحيانا في معناها الواسع الحق والباطل.
أما قوله تعالى: بغير سلطان أتاهم فهي للتأكيد على ما يستفاد من معنى المجادلة حيث تعني " سلطان " الدليل والبرهان الذي يكون سببا لهيمنة الإنسان على خصمه.
أما " آتاهم " فهي إشارة إلى الأدلة والبراهين التي أوحى الله بها إلى أنبيائه عليهم السلام، ولا ريب أن الوحي هو أفضل الطرق وأكثرها اطمئنانا لإثبات الحقائق.
أما المقصود ب " آيات الله " التي كانوا يجادلون فيها، فهي معجزات وآيات القرآن والأحاديث المختصة بالمبدأ والمعاد، حيث كانوا يعتبرونها سحرا، أو أنها علامات الجنون، أو أساطير الأولين!
من ذلك يتبين أن ليس لهؤلاء من دليل حي ومنطقي في المجادلة سوى التعالي والغرور والتكبر عن الانصياع إلى الحق، لذلك كانوا يرون أن أفكار الآخرين وعقائدهم باطلة وأن عقائدهم وأفكارهم حقة!
تشير كلمة (إن) إلى أن السبب الوحيد لعنادهم في هذه الموارد هو الغرور والتكبر، وإلا كيف يصر الإنسان على كلامه وموقفه دون دليل أو برهان.
" الصدور " تشير هنا إلى القلوب، والمقصود بالقلب هو الفكر والروح، حيث ورد هذا المعنى مرات عدة في آيات الكتاب المبين.
أما كلمة (كبر) في الآية فقد فسرها بعض المفسرين بالحسد.
وبذلك اعتبر هؤلاء أن سبب مجادلتهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو حسدهم له ولمنزلته ومقامه المعنوي الظاهري.
لكن " كبر " لا تعني في اللغة المعنى الآنف الذكر، لكنه يمكن أن يلازمها، لأن