ففي مثل هذه الموارد يكون الشخص كمن لم يتكلم أصلا. بناء على هذا يمكن أن تكون الآية الدالة على عدم السماح لهم بالاعتذار تقع وفق هذا المعنى، أي أن اعتذارهم برغم خروجه من أفواههم، إلا أنه لا فائدة ترجى منه.
تنتقل الآيات الكريمة بعد ذلك للحديث عن أحد الموارد التي انتصر فيها الرسل نتيجة الحماية الإلهية والدعم الرباني لهم، فتتحدث عن النبي الكليم (عليه السلام):
ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب.
إن هداية الله لموسى تنطوي على معاني واسعة، إذ تشمل مقام النبوة والوحي، والكتاب السماوي (التوراة) والمعاجز التي وقعت على يديه (عليه السلام) أثناء تنفيذه لرسالات ربه وتبليغه إياها.
إن استخدام كلمة " ميراث " بالنسبة إلى التوراة يعود إلى أن بني إسرائيل توارثوه جيلا بعد جيل، وكان بإمكانهم الاستفادة منه بدون مشقة، تماما مثل الميراث الذي يصل إلى الإنسان بدون عناء وتعب، ولكنهم فرطوا بهذا الميراث الإلهي الكبير.
الآية التي بعدها تضيف: هدى وذكرى لأولي الألباب (1).
الفرق بين " الهداية " و " الذكرى " أن الهداية تكون في مطلع العمل وبدايته، أما التذكير فهو يشمل تنبيه الإنسان بأمور سمعها مسبقا وآمن بها لكنه نسيها.
وبعبارة أخرى: إن الكتب السماوية تعتبر مشاعل هداية ونور في بداية انطلاقة الإنسان، وترافقه في أشواط حياته تبث من نورها وهداها عليه.
ولكن الذي يستفيد من مشاعل الهدى هذه هم " أولو الألباب " وأصحاب العقل، وليس الجهلة والمعاندون المتعصبون.
الآية الأخيرة - من المقطع الذي بين أيدينا - تنطوي على وصايا وتعليمات