فأحيانا يصل الإنسان بعد مشاهدته لهذه الآثار التوحيدية العظيمة إلى مقام الشهود. ثم أشار تعالى إلى ذاته القدسية، حيث يقول: ذلكم الله ربكم حقا لو كانت هناك عين بصيرة فيمكنها أن تراه إنه وراء هذه الآثار... فعين الجسم ترى الآثار، وعين القلب ترى خالق الآثار.
عبارتي " ربكم " و " له الملك " تدلان في الحقيقة على حصر الربوبية بذاته الطاهرة المقدسة، والذي اتضح بصورة جيدة في عبارة لا إله إلا هو فعندما يكون هو الخالق والمالك والمربي والحاكم لكل عالم الوجود، فما هو دور غيره في هذا العالم كي يستحق العبودية؟!
وهنا تصرخ الآية بوجه مجموعة من النائمين والغافلين قائلة: فأنى تصرفون أي كيف ضللتم وانحرفتم عن سبيل التوحيد (1)؟
بعد ذكر هذه النعم الكبرة التي من بها البارئ عز وجل على عباده، تتطرق الآية التالية إلى مسألة الشكر والكفر، وتناقش جوانب من هذه المسألة. وفي البداية تقول: إن تكفروا فإن الله غني عنكم اي إن تكفروا أو تشكروا فإن نتائجه تعود عليكم، والله غني عنكم في حال كفركم وشكركم.
ثم تضيف، إن غناه وعدم احتياجه لا يمنعان من أن تشكروا وتتجنبوا الكفر، لأن التكليف إنما هو لطف ونعمة إلهية، نعم، قال تعالى: ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم (2).
وبعد استعراض هاتين النقطتين تستعرض الآية نقطة ثالثة وهي