العمل من خير، أو شر يعلمه الله، فيجازي عليه، فهو مثل قوله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).
وروى العياشي بالإسناد عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اتقوا المحقرات من الذنوب، فإن لها طالبا. لا يقولن أحدكم: أذنب وأستغفر الله، إن الله تعالى يقول (إن تك مثقال حبة من خردل) الآية. (إن الله لطيف) باستخراجها (خبير) بمستقرها، عن قتادة. وقيل: اللطيف العالم بالأمور الخفية، والخبير:
العالم بالأشياء كلها. (يا بني) إنما صغر اسمه في هذه المواضيع للرقة، والشفقة، لا للتحقير (أقم الصلاة) أي: أد الصلاة المفروضة في ميقاتها بشروطها (وأمر بالمعروف) وهو الطاعة (وانه عن المنكر) وهو كل معصية وقبيح سواء كان من القبائح العقلية، أو الشرعية، فإن المعروف ما يدعو إليه العقل والشرع، والمنكر ما يزجر عنه العقل والشرع.
(واصبر على ما أصابك) من المشقة والأذى في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، عن علي عليه السلام. وقيل: ما أصابك من شدائد الدنيا ومكارهها، من الأمراض وغيرها، عن الجبائي. (إن ذلك من عزم الأمور) أي: من العقد الصحيح على فعل الحسن، بدلا من القبيح. والعزم: الإرادة المتقدمة للفعل بأكثر من وقت، وهو العقد على الأمر لتوطين النفس على فعله. والتلون في الرأي يناقض العزم. وقيل: معناه أن ذلك من الأمور التي يجب الثبات والدوام عليها. وقيل:
العزم القوة، والحزم. الحذر، ومنه المثل الأخير. (في عزم بغير حزم). وقيل:
الحزم التأهب للأمر، والعزم. النفاذ فيه، ومنه قيل في المثل: (رو بحزم فإذا استوضحت فاعزم). (ولا تصعر خدك للناس) أي. ولا تمل وجهك من الناس تكبرا، ولا تعرض عمن يكلمك استخفافا به، وهذا معنى قول ابن عباس وأبي عبد الله عليه السلام. يقال: أصاب البعير صعر أي: داء يلوي منه عنقه، فكأن المعنى لا تلزم خدك للصعر، لأنه لا داء للإنسان أدوى من الكبر. قال:
وكنا إذا الجبار صعر خده أقمنا له من درئه فتقوما (2)