سريع في دبرها، وليس ذلك من فعل الحكماء، إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل، فإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك، وابدأ بعلفها قبل نفسك، فإنها نفسك (1) وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا، وألينها تربة، وأكثرها عشبا، وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس. وإذا أردت قضاء حاجتك، فابعد المذهب في الأرض. وإذا ارتحلت فصل ركعتين، ثم ودع الأرض التي حللت بها، وسلم على أهلها، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة. وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبتدئ فتتصدق منه فافعل، وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكبا، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا، وعليك بالدعاء ما دمت خاليا، وإياك والسير في أول الليل إلى آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: والله ما أوتي لقمان الحكمة لحسب، ولا مال، ولا بسط في جسم، ولا جمال، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكتا سكينا، عميق النظر، طويل التفكر، حديد البصر، لم ينم نهارا قط، ولم يتكئ في مجلس قوم قط، ولم يتفل في مجلس قوم قط، ولم يعبث بشئ قط، ولم يره أحد من الناس على بول، ولا غائط قط، ولا على اغتسال لشدة تستره وتحفظه في أمره، ولم يضحك من شئ قط، ولم يغضب قط، مخافة الإثم في دينه، ولم يمازح إنسانا قط، ولم يفرح بما أوتيه من الدنيا، ولا حزن منها على شئ قط.
وقد نكح من النساء، وولد له الأولاد الكثيرة، وقدم أكثرهم أفراطا، فما بكى على موت أحد منهم، ولم يمر بين رجلين يقتتلان، أو يختصمان، إلا أصلح بينهما، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا، ولم يسمع قولا استحسنه من أحد قط إلا سأله عن تفسيره، وعن من أخذه. وكان يكثر مجالسة الفقهاء والعلماء، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين، فيرثي للقضاة بما ابتلوا به، ويرحم الملوك والسلاطين لعزتهم بالله، وطمأنينتهم في ذلك، ويتعلم ما يغلب به نفسه، ويجاهد به هواه، ويحترز من السلطان. وكان يداوي نفسه بالتفكر والعبر، وكان لا يظعن إلا فيما